ارتدت معطفها المفضل كقطعة أخيرة قبل خروجها، لا تعرف أين تذهب، لكنها فقط قررت الخروج، أخذت مفاتيح المنزل، وأخذت هاتفها المغلق وذهبت. تسير في الشوارع هائمة على وجهها، الوقت يقترب من منتصف الليل، ومعظم الأماكن التي تحب الذهاب إليها مغلقة، أو تستعد للإغلاق، لذا فهي تكمل سيرها، عثرت على منتزه صغير به عدة مقاعد، بلا تذاكر دخول أو أمن، فاختارت أحد المقاعد وقررتْ الجلوس على طرفه بهدوء. لَم يسد الصمت أبدًا؛ فقد كانت تُخرِج تنهيداتٍ بين فترة وأخرى؛ هناك ما يشغل بالها، إلى أن قاطع تنهيداتها صوتٌ قادمٌ من الجهة الأخرى مِن المقعد يطلب منها أن يجلس، وهي وافقتْ بإيمائة بسيطة، فجلس بجوارها بصمت، لتكمل تنهيدها المتكرر، لكنها صمتت مع دخول رائحة السيجارة التي أشعلها هو إلى أنفها حتى سعلت، فأخرجها هو من فمه معتذرًا ثم أطفأها، رفعت رأسها للسماء المُزينة بالنجوم، لَم ترَ الكثير من النجوم بسبب الضوء الصادر من العمود فوقها، لكنها على الأقل تأملت ما رأت، إلى أن قال مَن بجوارها: - لو اعتبرتي أننا لن نتقابل مجددًا، هل ستخرجي ما بداخلك؟ نظرت له وسألت في المقابل: - ماذا عنك؟ هز كتفيه كإجابة على سؤالها، ثم أقر...